الشيكولا المريرة : الجزء الثاني

بعد أن بدأت تسوكيموري العمل في مقهي فيكتوريا , صارت أوسامي وجهاً مألوفاً هنا.


لم يمر كثير من الوقت إلي أن أُعجب بها الطاقم و المدير نظراً لأمتلاكها جانباً إجتماعياً لا يمكن تجاهله , و قد صار وجودها في اليومي في المقهي أعتيادي ,  و لهذا تجدني دائماً كمن يسير عاري القدمين علي الجمر  خائف من أن يقترح عليها المدير منصباً .


" يا نونوميا , نونوميا فلتنصت ! "


و بما أنها دائماً ما تأتي بعد إنتهاء أنشطة ناديها لذا تجدها هنا قبيل المساء دوماً في الوقت الذي يقل فيه عدد الزبائن  ثم تجلس في مقعدها و تخبرنا بسعادة عن " أحداث ذلك اليوم "


" لقد أختارني المدرب كلاعبة أساسية  لالمباراة القادمة ! "

 " تهانينا , دعيني أدعوكِ إلي شئ احتفالاً بهذه المناسبة "

" ياي ! "   هتفت أوسامي فرحة بحيوية  ثم قالت         " ممم.... في هذه الحالة , هل يكنني طلب شئ اخر ؟ "


فجأة أخذت أوسامي تسترق النظر نحوي و هي يبدو عليها الحرج , لقد بدت -بعينيها المستديرتين الكبيرتين _ كالقِشَّة القَزَم



" القشة القزم"




" إن كان باستطاعتي فحسب ! "


" أيمكنني ألتقاط صورة لك ؟ "


" لماذا ؟ نحن نري بعضنا البعض كل يوم تقريباً ,  إلتقاط صورة ليس بالأمر المهم , أليس كذلك ؟! "


 " كلا إنه كذلك ! أنا أريد صورتك في زي الجارسون  خاصتك "

" لقد فهمتك "  ادعيت كما لو أني أُفكر في الأمر ملياً ثم قلت   " لا "


" لمَ لا !  لا يوجد أي مشكلة بالأمر و لن يضرك شئ أيضاً "

لقد كان من الممتع رؤيتها و هي في حالة الغضب فاذ هي أشبه بالطفل العنيد .


" أنا لا أستريح للصور و ما مثلها "

أنا لم أكن أكذب , فبالفعل لم أحب إلتقاط الصور .


" دعني أخبرك أن لزيك هذا قيمة فريدة , رجاءاً امنحني هذه الفرصة !  فقط مرة واحدة فحسب ! "  لقد كانت متحمسة و هي تحاول إقناعي .


" حسناً , بما أنكِ قد صرتِ من لاعبي الفريق  و ترغبين بهذه الصورة__"


" إيه ؟ أستدعني ؟ ! "


لقد كانت عينا أوسامي تتلألأ بالأمال


"____ سوف أرفض . "


التي خيبتها بسعادة .


" إييه؟! لماذا ؟! "

" لأني لا ارغب لروحي بأن تُمتص . " *1


لقد كانت إغاظة أوسامي مهمة من مهام حياتي , حيث أن رؤية ردود فعلها دائماً ما تعطيني البهجة ,  لا أستطيع أن أتوقف عن كوني لئيماً معها .



" عجباً ! أيها البخيل ! "


" قولي ما شئت و مع ذلك ستظل إجابتي هي " لا " "


" إذاً سألتقط واحدة سراً .."

" بما أنك أخبرتي الشخص المعني بالأمر حينها لم يعد الأمر سراً "


" خذ هذا ! "

لقد اتخذت أوسامي إججراءات وقائية ححيث قامت بتصويب هاتفها نحوي  و حاولت أن تلتقط الصورة , لألتف  في حينها .



آاااه ! لماذا ؟! "


" إلتقاط الصور ممنوع في هذه المنشأة , إن لم تلتزمي بهذه القاعدة حينها سيؤسفني أن أطلب منك المغادرة "   لقد تفوهت بكلماتي بطريقة رسمية لتنفخ أوسامي وجنتاها و تضع هاتفها في حقيبتها لكن بدون أن تنسي أن تتمتم ب"بخيل "


غالبتني ضحكة صدرت مني دون أن أدري .


" لا تحزني أوسامي , قد لا اعطيك الصورة لكن الحلوي ستكون علي حسابي "

لقد تأثرت بتعابير وجهها الحزينة وأردت أن اصالحها , هذا وجه أخر لمبدأ العصا و الجزرة .

".....شيكولا مجمدة و كعكة المانجو "

" بالتأكيد "  اجبتها بأفضل ابتسامة تمكنت منها ثم توجهت نحو المطبخ لكي ابلغ الطلب.


لم أستطع منع تعابير وجهي من التغير , حيث أن طبيعة أوسامي الصريحة لها تأثير يخفف من التوتر الذي اعتراني نتيجة اضطراري التعامل مع شخص مميز لم أتوقع أن أضطر إلي التعامل معه في حياتي هكذا .


" أنت كالطفل الذي يلهو بلعبته الجديدة "   بذقنها موضوع علي يدها , رأيت ابتسامة ميراي-سان السعيدة .


" لماذا ! من المستحيل لي أن أراها كالعبة يوماً " أجبتها و أن أقوم بترتيب الفواتير بعد إعطاء الطلب إلي سارووتاري .


من الطبيعي لميراي-سان بذكاءها الحاد أن تدرك أني مُعجبٌ بأوسامي , ليس و كأني أردت إخفاء الأمر أو ما شابه.

" لكنني قد أفضل الاحتفاظ بحيوان أليف مثلها بالمنزل "


لوهلة تخيلت القِشَّة القَزَم و هو يحاول ممضغ ثمرة مانجو تعادل حجمه .

" لا اختلاف فيما نقول "

" علي أي حال أنه أمر جلي أني مُعجب بها "


" من النادر لك أن تعترف بأمر بمثل هذه البساطة "  قالتها ميراي-سان و هي تحدق فيني متفاجأة.


" الأمر يعتمد علي ما يتعلق به الأمر !  صراحتها تدفعني إلي النزاهة أيضاً "

ضحكت ميراي-سان بصوت عالٍ و هي تميل إلي الأمام ممسكة بطنها .

" هذه الشخصية المعقدة التي تذكرينها طوال الوقت حتماً ستصير أكثر تعقيداً إذ كنتِ صديقتي "
لقد قلتها دون أن أعطي لها ما تستحقه من التفكير .


"____ هذا يبدو منطقياً بالنسبة لي " دون أن أدري وجدت تسوكيموري تقف بجواري و تقول "  و ما رأيته حتي الان هو أن شيزورو معجبة بك , نونوميا - كُن "   قالتها تسوكيموري و تلك الابتسامة الراشدة التي تبرع فيها معترية وجهها .

" أوه ؟ إذاً هي كذلك ؟!  لم أكن أعلم أن نونوميا   محبوب من قِبل السيدات "   قالتها ميراي-سان ثم أخذت ترمق تسوكيموري بنظرات فضولية بدت من وجهة نظري قريبة إلي كونها متشككة .


ماذا تدبر ؟!


علي نقيض ميراي-سان التي لا تعلم أن تسوكيموري قد طلبت مني بالفعل مواعدتها , لم أكن أعلم سبب تشجيعها لعلاقة بيني و بين أوسامي .


" إذاً لمَ لا تواعدها ؟ ! " لم ترد ميراي-سان أن تفقد مثل هذه الفرصة النادرة للعبث .


"   ليس الأمر بيدي لكي أقرر , ثم ما أدراكِ أنه ليس إلا اهتمام من طرف واحد فحسب ؟! "

" ألم تقل تسوكيموري تواً  أن الأمر قد يكون لصالحك ؟! "


كلماتي اللاذعة نجحت في جعل ميراي-سان تقطب.


" لم يكن هذا أمراً جيداً , تسوكيموري , أنا لا أقدر لك قيامك بجمعي أنا و أوسامي بلا أي سبب هكذا , و أفعالك هذه ليست جيدة  بالنسبة لأوسامي "


لقد أدركت أني كنت منزعجاً لا غاضباً بل منزعجاً فحسب , ليس كما النار بل " الجمرة المشتعلة ".


" أنت محق نونوميا-كُن , لم يكن من حقي قول كل هذا , أنا أعتذر "

أعترفت تسوكيموري بخطأها بالفعل و انحنت معتذرة .


" إيرر , أجل , أعتذر أيضاً , لم أظن أنك جاد بهذا الأمر " علي نحو مربك  حكت ميراي-سان رأسها و اتبعت خطا تسوكيموري في الأعتذار .


لقد كان الحل الأمثل لي هو إدعاء عدم الاكتراث إخفاءاً  لأنزعاجي عنهم .


تشاركنا لحظات قليلة في الصمت لعدم قدرتنا علي إستكمال المحادثة .


و بعدها اختفت ميراي-سان في المطبخ بعد فقدانها الأهتمام علي ما يبدو و بحثاً عن مخرج من الارتباك " سارووتاري ! "

لكن تسوكيموري قد ظلت واقفة بعيدة عني- أسلوب متردد ليس كما عهدت عليه تسوكيموري التي أعرفها .

في ناحيتي لا زلت لا أشعر بالأرتياح  لهذا الشعور المر المتبقي من محادثتنا التي قد انتهت بالفعل .


لم يكن ضيقاً ناتجاً من الجدية تجاه موضوع أوسامي الذي أشارت إليه ميراي-سان .

بالتأكيد جزء مني يكره تدخل الناس في شئون الأخري خاصةً ما يتعلق بالحب مع ذلك هذه المواقف لم تكن نادرة بل معتادة و قد كان بإنماني تجنبه أو التكيف معه بشكل هادئ كاتماً مشاعري كما اعتدت أن أفعل دوماً بلا تردد حتي الان .


لكن الان , قمت بوصم نفسي بالكشف عن مشاعري للأخرين  و الذي هو أمر لم أقم به من قبل .


لماذا ؟ لمَ كل هذا الأنزعاج ؟  إنه شعور كريه و علي الرغم من علمي بوجوده إلا أني لا أعرف سببه .


في تلك اللحظة سمعت تمتمة .


" .... أنا أعتذر "   لقد كانت همسة ضعيفة بصوت حزينة سرعان ما أفنتها ضجة المقهي  , لم أكن قادراً علي رؤية وجهها إذ لا زال ظهرها يواجهني لكني أعلم أن صوتها لم يكن صوت  " إعتذار " بل " ندم "

لم يكن ليخطرر علي بالي أن تسوكيموري قد شعرت بالندم بقوة هكذا و في نفس الوقت شعور بالهدوء تملكني .

لقد علمت هوية المسبب لإنزعاجي لكن لا زلت لا أعلم السبب , في النهاية  لقد كانت تسوكيموري .

لماذا كنت منزعجاً ؟

سؤال اخر أخذ يطفو إلي السطح.


اخترت أن أعيد تشغيل مشاعري من البداية و أن أجلب لأوسامي طلبها لأني إذ استمررت علي هذا المنوال في متاهة التفكير تلك لن انتهي ابداً.


لكن ما اكتشفته هو أن شعوراً جديداً تجاه تسوكيموري علي وشك أن يولد بداخلي.

  و مع ذلك لا زلت لا أعلم اسم هذا الشعور.


_____________________



القشة القزم

Image result for ‫القشة القزم‬‎

ليست هناك تعليقات