جيككو : إلي اللقاء


الفصل العاشر
إلي اللقاء

بين فينة و أخري يمر قطار علي السكة الحديدية , و كل مرة ياخذ الدرابزين الأبيض الذي أتخذته مقعداً في الاهتزاز و يعم الفراغ ضجيجاً يصم الأذان .
الأن أنا أقف أسفل تحت جسر يمر عليه قطار علي دفعات متزامنة , علي حدود إحدي المناطق السكنية بالقرب من مدرستي ,منطقة لا يمر من قربها الكثير من الناس حتي أثناء النهار ...مكان قد اخترته و أخذت انتظر فيه .
لم أرد أن يُقاطعني أحد .
أخذت أرتجف , في هذا النفق أسفل الجسر الذي لا تبلغه أشعة الشمس , حتي الأسفلت رمادي اللون صار أكثر سواداً من المعتاد.
لربما بسبب تأثير الأسفلت حاجز الصوت بدت لي المباني السكنية و الأصوات القادمة منها بعيدة , وكأنني في مبني ما في أرض الأموات معزولاً.
و لربما هذا هو سبب عدم ملاحظتي له و هو يقترب .
في الحد الفاصل بين النور و الظلام يقف رجل في الثلاثين من عمره ذا منظر العابث وابتسامة تحدي تتعلق علي وجهه مع تلك السيجارة التي تتدلي من فمه .
" ها! من غير المعتاد أن تطلب لقاءي , ماذا حدث ؟ "
أخذ صوته يترددفي الفراغ من حولي .
" هل من الممكن أنك تذكرت  شيئاً مهماً بخصوص يوكو -شان ؟ "
قالها ثم ألقي سيجارته بعيداً صانعةً  بضع منحنيات في الهواء إلي أن صدمت الأسفلت .
" لكن عجباً " أخذ يتحدث و هو يطقطق رقبته " لقد أخترت مكاناً منعزلاً اليوم . أتنوي أن تخوض نزالاً معي أو ما شابه ؟ " ثم سحق السيجارة بحذائه ذا اللون البني الداكن.
" بضعفي لا أشعر بأي إغراء لمنازلتك !" هززت رأسي ثم قلت " لكني أريد أن أنهي الامور معك "
بكل أريحية نهصت و أخذت أنظر ناحية الرجل الذي يبعدني بأمتار .
" لندع نهاية للأمر . " ثم ابتسمت .
" هذه جملتي ! " ثم انفرجت شفتاه عن ابتسامة كبيرة مغلقاً إحدي عينيه ثم قال " بما انك صاحب الحفلة فسأدع لك الكلمة الأولي . "
ثم أمال ناحية الحائط ضاماً يديه إلي صدره .
" أفضل ألا ابدأ بجملة بل بسؤال ! "
" أوه بالطبع بالطبع , ليس عليك أن تكون خجولاً معي , اسأل قدر ما شئت "  لكن كان الحديث سلساً .
" لما أصبحت محققاً ؟"
في اللحظة التالية اغلق عينيه قليلاً ثم اخذ يداعب ذقنه ...
" لا أود أن أبدو فظاً , لكنك لا تنتمي لمن يتحدث بحسس العدالة ."
" هذا بالفعل منهي الفظاظة , في الحقيقة لقد اعتدت علي الإجابة علي مثل هذه الأسئلة بإبتسامة عريضة قائلاً "لكي أنقذ العالم !" " و بعدما رأي تعبيرات وجهي المندهشة أخذ يضحك ضحكات جافة بلا معني .
" لا كيان لي غير كوني محققاً !" فجأة اعتلت وجهه إمارات الجدية " لقد اخترت وظيفة حافلة بالعمل طوال العام و الخطأ فيها قد يؤدي بحياتي , و بسبب أني موظف حكومي يسئ إليّ الناس , يدعونني بطفيل الضرائب علي الرغم من راتبي الصغير , إّذاً لما أعمل في وظيفة حقودة كهذه ؟ أتعلم الحقيقة , فقط لأري شتي الناس في مختلف المواقف و الفترات من حياتهم سواء كانت فترات من سعادة أو حزن ."
ثم أخذ كونان يحدق في السماء و أشعة من النشوة الغريبة تنبعث من عينيه .
" يا لها من رجفات مثيرة حينما تتحطم أقنعتهم ! و كما أنني استرق النظر إلي طبيعتنا البشرية . إن الحقيقة تنطقها المشاعر ببلاغة تخطت المبررات ."
و ما أن أنهي لم يعد بوسعي تمالك سخريته عن ملاحظته .
" يا له من أمر قاس  نونوميا -كُن ! و الأن بعدما جاوبتك بصراحة بعدما بدوت جاداً ! و الأن تظنني مجرد معتوه آخر ؟! "
لقد كانت إجابتي عن تهكمه حاضرة فسرعان ما هززت رأسي
" علي الأطلاق , بل لقد شعرت بالارتياح عند سماع لمثل هذا الهراء, أتعلم أنه يليق بك ؟"
" أوهو , و الأن هذا مديح رائع ! "
أعتقد هذا _ فأنا أيضاً _ عديم النفع مثلك . "
" أنا أعرف " قالها بسخرية و أردف " مثنذ اللحظة الأولي التي رأيتك فيها "-
لقد بت مقتنعاً بما قالته تسويكموري في اللحظة التي رأيت فيها ابتسامته , حقاً نحن متشابهان .
" حسناً , أيوجد شئ  أخر تنوي إخباري به ؟ " قالها ثم عقد ذراعيه علي صدره .
" لا يوجد شئ أريد أن اخبرك به ."
" أنت تقر بالأمر بهذه السهولة ؟ كل ما قولته عن يوكو-شان ؟ "
قالها كونان عاقداً حاجبه في شك بين .
" لا , لا تأخذني علي منحني خاطئ , أنا أقول أن رأيي لم يتغير مُنذ البداية "
" علي الرغم من كل ما أخبرتك به ."
" أحل علي الرغم من كل هذا ."
" أوه أنت تمزح ! بالفعل تمزح ,هاه ؟ ألم توافقني الرأي علي كل ما قلته ؟ "
" بالفعل كنت أتفق معك في الرأي . فحتي الأن من الممكن أن تُري هذه القضية تحت مثل هذه الأضواء المشوقة , بفضلك بت قادراً علي إدراك قدرة المفتش الخارقة علي حل العقد بوضع استنتاجات منطقية في سلسلة طويلة الواحد تلو الأخر .  لكن لا يغرك الأمر فهذا كل ما في الامر , إن ثقتي في تسوكيموري لن يُزعزعها مثل هذه الاستنتاجات . "
حينما ابتسمت حدق فيني فقط لجزء من الثانية .
" إنها لمجرد تكهنات , بمعني آخر هي كلها نواتج مزعزعة الأساس بنتها مخيلتك ."
لا زال يحدق فيني كونان بلا أي تعابير تعلوه .
" ألم تقل بنفسك أن باقي أفراد الشرطة يتعاملون مع هذه القضية كحادثة ؟  بمعني آخر , أنت تشتبه بها بناءً علي أغراض شخصية ؟ أنا لا أعلم مدي براعتك في وظيفتك أو إنْ كنت عالي التقييم في سلك الشرط لكن أتعلم أن ما تفعله يُعد " مسرحية" ؟"
لقد أخذت أرشقه حيث أنه لم يصدر عنه أي رد فعل حتي الان .
" و كما أخبرتني سابقاً , أنه في بلدة صغيرة مثل بلدتنا دائماً ما تجد حادثة كل يوم لذا ألا تري أنه من الغريب أن ينشغل محقق مثلك بتسوكيموري و أنا ؟  إنْ استمريت في تسكعك معنا فستستحق بجدارة لقب طفيل الضرائب ."
بالطبع هناك سبب وراء عدائيتي .
" ليست من مصلحة أي منا أن نهدر مزيداً من الوقت علي هذا الأمر . إن عدت إلي وظيفتك من جديد فسيسعدني أن أعود لكوني مجرد طالب في المرحلة الثانوية ."
لقد كنت واثقاً أنه لا يمتلك اي دليل دامغ ضد تسوكيموري . بصيغة آخري هو لم يصل بعد إلي " وصفة القتل " , و من دونها لن يكون مممكناً اتهام تسوكيموري بأي شئ .
" لقد فعلت ما بوسعك , لكن هناك اشياء آخري عليك أن تهتم بها . فلنضع لهذا الأمر نهاية ."
و قد كان هناك شئ آخر الذي كنت أعتمد عليه .
لن يلومه أي شخص إن إنصرف إنتباهه عن هذه القضية , فالشرطة نفسها تعدها مجرد حادثة عادية , لقد كانت له الحرية في الإستمرار في التحقيقات أو أن ينهي الأمر وقتما شاء ...و هذا ما علمته .
"....لقد تمكنت مني . أنت محق تماماً و لا يسعني قول شئ . " ثم قام بسحب سيجارة جديدة من جيب سترته ثم قام بوضعها في فيه  و ابتسامة تعلو وجهه " حقيقةً إنني أتعرض للمضايقة من رئيس القسم و المركز بمعني آخر إن الشخصيات الهامة تزعجني كي أقوم بعملي علي وجه الدقة . بينما استسلم زملاءي عن حثي علي الامر بما أنه ليس بالجديد عني .هيه!"
ضوء صغير أومض في الظلام . لقد قام كونان بإشعال سيجارته بقداحة تحمل دعاية لمنتج خادش.
" ...أيسعك معرفة سبب تركهم لي أن أفعل ما يحلو لي ؟ "
ثم قام بنفخ الدخان .
" هذا لأنني رجل متمكن ! " قالها بثقة " و أتعرف ما يجعلني متمكناً ؟"
ثم نقر علي جبهته و أردف ,
" حدسي الحاد ! "
و في اللحظة التالية تردد صوته العلي في أرجاء النفق ,
" بدون أي مقدمات ! هذا المحقق الرائع بل الأفضل يقول أن الأمر مريب ! لهذا تدرك أن مراهق غر لا يسعه قول و لا فعل في هذا الصدد."
لقد تردد صدي صوته ..بالجدران ..بالسقف ..و أمطر نحوي ثقلاً جاسماً , لقد شعر و كأنني أسبح في حشد صاخب .
" ما أريد أن اقول هو , أنه مهما كان ما يقوله الآخرين , و حتي و إن أنكرت هي نفسها , أنا أقول أنها قد ارتكبت جرماً! إذاً هي قد قتلت أمها !" أنهي كلامه ممتصاً الدخان ثم يقوم بطرده للخارج مرة آخري بسرور .
" هذا غير منطقي !...." هو كل ما تمكنت من قوله و أنا مقهور بأسلوبه .
" هو تماماً كما تقول , لكن دعني أسألك , أحال العالم مغايرة ؟ لا يهم ما هو خاطئ أو صواب , ألاقوي هو الوحيد من يتمكن من وضع القوانين , أم ماذا ؟ "
 ثم نفخة من  الدخان أنبعثت من شفتيه المعقودتين " لأنني آمنت بنفسي و بحدسي و لأنني بقيت علي حالي مؤمناً بنفسي تمكنت من الحصول علي نتائج مبهرة , و بسبب هذه النتائج لا أحد يستطيع أن يملي عليّ ما أفعل . "
ثم أظهر " ابتسامة ".
" أنا آسف نونوميا -كُن , لكنني سأقوم بالأمور علي طريقتي  ــــــــــــــــــــــــــــــــ"
لكنها قد كانت ابتسامته المميزة التي تشعرك بالجدية .
" ـــــــــــــــــــ لأن هذا هو أسلوب حياتي ."
حينما ألقيت نظرة آخري علي تلك " الأبتسامة "بدأت أشعر أن طريقة ابتسامه هي ميزة خاصة به .
لكن حقيقةً , إن كونان لمجنون في ثياب مهرج .
يبدو أنه لم يكن يشعر بالراحة من إظهار غرائزه للنور لهذا اضطر إلي أن يتكيف مع تيار مجتمعنا .
لابد و أن هذه الابتسامة هي بقايا الجنون الذي يصعب عليه إخفاءه .
" حسناً , لقد حان دوري الان ." ثم قام كونان بسحق سيجارته بنعل قدمه .
ثم وضع يديه في جيوب بذلته .
" لما الأستماتة في الدفاع عن يوكو -سان ؟"
أخذ يدنو مني بقدميه الطويلتين قارعاً الأرض ليتردد الصوت بقوة في أرجاء النفق بخطوات ثابته .
" ألا تظن أنه من الصعب الشك فيها بلا أي شفقة؟"
لقد شعرت بمعدتي و هو تنكمش أكثر فأكثر متزامنة مع صوت خطواته الدانية .
" ليست استماتة في الدفاع عنها , صدقني ! الأمر كله أنه من الصعب عليّ تصديق أن زميلاً لي في الصف هو قاتل , و لا يسعني تصديق اتهاماتك تلك نحوها , ألا توافقني ؟"
" أجل أنه لأمر طبيعي ." قالها معترفاً و لكنه لم يكن إلا استهلالاً " لكن بالله عليك , بالرغم من كل فلا زلت محققاً ,أتعلم أنه ليس غريباً أن تشك فيها و لو قليلاً ؟ فكما تعلم أن الشرطة وضعتها موضع اشتباه لذا لابد من أمر وراء هذا ! و لكن يكون غريباً أن تعترف بأنك توافقني الرأي في بعض الأشياء  ! و هو أمر لن يؤثر علي موقفها , هذا هو رأيي كمحقق متمرس الذي شهد شتي أنواع الجرائم. و الأن ما قولك ؟"
"....أنت تعلم أني لن أومأ علي شئ لا علاقة بينه و الواقع شيئاً ."
و نتاج طبيعي لهذه الأجواء بدأت يداي في التعرق و صوتي في الأرتجاف .
" أنه حقيقة أؤمن بها عنك"
لقد بدا لي أن ابتسامته توحي بالسعادة.
" لكن هذا لا يعني أنك غبي نونوميا-كُن ! و لست بشخص يفتقد للمنطق لذا لا يسعني فهم سبب دفاعك عنها . بشخصية مثل شخصيتك كان من المفترض أن أن تنقب عن عيوبها كلما بدا عليها مزيداً من المثالية . علي الأقل نونوميا -كُن الذي أعرفه لا يصدق في وجود أي شئ طالما لم يره بعينيه ."
ليس من السئ أن تكون محل اهتمام أحدهم و إن كان الأمر شخص أعلي مكانة اجتماعية مثل كونان فسيكون الأمر رائعاً .
لكن شعور بعدم الأرتياح أخذ يهاجمني و كأنه يتفحصني من رأسي حتي أخمص قدمي .
و قبل أن أدرك وجدت كونان وقفاً قبالتي مباشرة .
" بإختصار لقد توصلت إلي أن دعمك هذا ليوكو-شان هو نتاج بعض المشاعر الخاصة ناحيتها . و لأنك تحبها بدرجة كبيرة لا يهمك سواء كانت بريئة أم لا .  حالك ببساطة " سأؤمن بها حتي و إن وقف العالم بآسره ضدنا !" هيه ! يا لعظمة قوة الحب ! رويدك لا تحدق فيني هكذا فأنا لا أمازحك هنا ! بل ببساطة يعجبني مثل هذا التفكير بل " أنني أحبه حقاً ""
يا له من ثرثار . ليس و كأنه أجفلني : لقد كنت أخلع قبعتي لكونان اجلالاً , أتساءل إن لم يكن هناك لأحد من تمكن من مقارعة كونان الحديث .
" يبدو أن لك مخيلة خارقة !"
" حسناً إن هذه مهنة تتطلب مخيلة واسعة ."
ابتسامة كانت علي شفتيه . و ابتسامة سعيدة هي .
" لكن هناك فقط سبب آخر قد يدفعك للدفاع عنها , و هو سبب و حيد " فجأة اختفت ابتسامته " إن كان بحوزتك دليل علي أنها لم تقتل أحداً ."
أخذ وعي فجأة يغرق في أفكار وصفة القتل .
" إذاً ...أبحوزتك ؟"
" مستحيل "
" يا للآسي !" قالها بندم.
و بينما كان جسدي منتصباً قال هو بعفوية .
" بالمناسبة لقد كنت أتساءل ــــــــــــــــــــــــــــ ما الذي يوجد في جيبك الأيسر ."

و بعفوية جذبت يدي اليمني جيب صدري الايسر .
حينها تحرك كونان .
بسرعة شديدة و كأنما يستل سيفاً من غمده أخرج يده من جيبه ثم أمسك بصدري . و بعدما تقدم نحوي خطوة كبيرة أخذ مجال بصري في التغير .
لقد شعرت بضربة علي ظهري و التي سرعان ما صارت آلماً انتشر في أرجاء جسدي جاعلني اطلق آنيناً . رأسي أخذت تدور و جسدي بات عاجزاً عن الحراك و علي الرغم من الآلم لم أستطع  أن أتنفس أو أن آن مرة أخري .
لقد حدث الامر بسرعة لدرجة جعلتني عاجزاً عن فهم ما حدث .
أعتقد أنه قام بإلقائي علي الأرضية الاسفلتيه القاسية بتقنية من تقنيات الجودو , هاراي جوشي كما يدعونها .
" حقيقةً دائماً ما أتخذ جانب النساء , لا يسعني القيام بشئ ناحيتهن لكن بالنسبة للرجال فأنا عديم الرحمة ."
قالها جالساً علي .
" ...جاااه...لن تنجو بفعلتك هذه ." كلمات قليلة هي كل ما استطعت اخراجها .
" لا تقلق ! لا تقلق ! فأنا بآمان طالما لم يعلم أحد بالأمر ."
لم يكن الأمر يهمه بأي شكل من الأشكال .
" حسناً لنلق نظرة عما يحتويه هذا الجيب ."
لقد كنت متمسكماً بجيبي بكل ما أوتيت من قوة .
" أوه ؟ من هذه المقاومة أعتقد أنه يحوي شيئاً يخص يوكو-سان ؟"
لم يكن علي أن أنظر بعيداً حينما حدق في عيني .
"ها! آنا محق؟ إن حدسي بات معجزة ! إن الأمور تزداد متعة !"
قالها و هو يحك رأسه .
" يبدو أنه لا يوجد حل آخر " ثم أردف " صدق أو لا تصدق لكني قد كنت مشاغباً في أيام المرحلة الثانوية !"
فجأة أخذ يتحدث عن ماضيه لسبب مجهول .
" حسناً و أتعرف أين يحب المشاغبين مثلي التعمق في صداقتهم مع الأخرين بقبضاتنا . مفاجأة , إنها الممرات المهجورة أسفل السكك الحديدة . أعلمت الأن لما سئلتك إن كنت تريد منازلتي مُنذ البداية ."
ما جعلني غير مرتاحاً هو فشلي في معرفة ما ينوي أن يقول .
" لما لا تخمن السبب وراء أختيارنا لمكان كهذا دائماً ؟"
في اللحظة التي بدأت تهتز فيها الأرض شعرت بظهري بالقطار القادم من بعيد.
" السبب هو أن ـــــــــــــ صوت الصراخ يختفي في موجة القطارات القادمة."
و بينما يكشف النقاب عن هذه الحقيقة , دوي صوت في الهواء أباد أي صوت أخر .
"...أنت تمزح...أليس كذلك؟.."
و صوت دهشتي كان في الضجيج مختفياً.
القطار المار من فوقنا أخذ يهز كياني , بل لا أنا الذي كنت أرتعش.
شعرت بالأحساس البارد للمعدن الملتصق بمقدمة رأسي .
لقد كنت محتاراً , متعجباً ...لهذا نظرت لهذا الشئ الواقع أمامي بتعجب.
في يده الممتدة كان يوجد جسم أسود اللون , يمسكه كونان واضعاً فوهته الأسطوانية مقابلة جبهتي .
و سرعان ما أخذت الضوضاء في التلاشي سامحة للأصوات الأخري أن تعود قال الرجل بلا أي تعبير يعلو وجهه"إن كان التوقيت صحيحاً , فيمكن لتلك الضوضاء أن تمحي أصوات طلقات النيران ."
ثم أبتلعت لعابي لا إرادياً.
..مستحيل , قد يكون ميالاً للجنون لكنه لن يضغط الزناد, لتمثيلية يقوم بها فقط لإرهابي .
هذا ما كان يخبرني به ذهني .
لكن و مع ذلك كانت خصلات شعري ملتصقة بجبهتي بينما جن جنون قلبي و أنفاسي أخذت تنطلق من بين منخري هيجاناً , علي النقيض من تفكيري المنطقي كان جسدي , لقد كنت متوتراً لدرجة لم تعطني رفاهية أن أطرف عيني. 
"و الأن أرني ما بداخله ."
 
ما جعلني غير مرتاحاً هو فشلي في معرفة ما ينوي أن يقول .
" لما لا تخمن السبب وراء أختيارنا لمكان كهذا دائماً ؟"
في اللحظة التي بدأت تهتز فيها الأرض شعرت بظهري بالقطار القادم من بعيد.
" السبب هو أن ـــــــــــــ صوت الصراخ يختفي في موجة القطارات القادمة."
و بينما يكشف النقاب عن هذه الحقيقة , دوي صوت في الهواء أباد أي صوت أخر .
"...أنت تمزح...أليس كذلك؟.."
و صوت دهشتي كان في الضجيج مختفياً.
القطار المار من فوقنا أخذ يهز كياني , بل لا أنا الذي كنت أرتعش.
شعرت بالأحساس البارد للمعدن الملتصق بمقدمة رأسي .
لقد كنت محتاراً , متعجباً ...لهذا نظرت لهذا الشئ الواقع أمامي بتعجب.
في يده الممتدة كان يوجد جسم أسود اللون , يمسكه كونان واضعاً فوهته الأسطوانية مقابلة جبهتي .
و سرعان ما أخذت الضوضاء في التلاشي سامحة للأصوات الأخري أن تعود قال الرجل بلا أي تعبير يعلو وجهه"إن كان التوقيت صحيحاً , فيمكن لتلك الضوضاء أن تمحي أصوات طلقات النيران ."
ثم أبتلعت لعابي لا إرادياً.
..مستحيل , قد يكون ميالاً للجنون لكنه لن يضغط الزناد, لتمثيلية يقوم بها فقط لإرهابي .
هذا ما كان يخبرني به ذهني .
لكن و مع ذلك كانت خصلات شعري ملتصقة بجبهتي بينما جن جنون قلبي و أنفاسي أخذت تنطلق من بين منخري هيجاناً , علي النقيض من تفكيري المنطقي كان جسدي , لقد كنت متوتراً لدرجة لم تعطني رفاهية أن أطرف عيني. 
"و الأن أرني ما بداخله ."
 ...........
قمت بوضع ما تبقي في جسدي من قوة في أناملي .
" هذه هي الروح المطلوبة يا فتي ."
لكن مع ذلك تخلص من مقاومة يدي بسهولة , و للأسف قد خارت كل قواي التي قد تمكني من مواجهته .
و بمهارة قام كونان بفتح أول زرين من سترتي و بعدها أخذت يده تتوجه نحو جيبي الايسر .
و حينما سحبها مرة آخري كان بين أصبعيه وريقة بيضاء  .
"....قصاصة ورق , هاا, أتساءل ما قد أجده فيها ؟ "
ثم بدا له أني قد فقدت الرغبة لمقاومته مما جعله يعيد المسدس إلي جيبه و يفرد الوريقة .
و  بتعابير جادة أخذ يقراً المسطور .
و بسبب كونه جالساً فوقي و هو يقراً الخطاب كنت مرغماً علي تأمل السقف الأسمنتي و هو بالمناسبة لم يكن مثيراً البتة .
" يا عقارب الساعة ! فلتسرعي المسير !"
"  دعني اتأكد من شئ واحد ...أنت كاتب هذه "الوصفة "؟"
ثم و ضع الورقة أمام عيني .
" أنا لا أعرف عما تتكلم " قلتها من بين أسناني ثم نظرت بعيداً .
" ...إذاً حدسي لم يخذلني , " قالها كونان مقتنعاَ" بالحكم من تعبيرات وجهك فأنت من كتبها "
و قد واصلت صمتي .
" من الوهلة الاولي بدت لي هذه الاحرف , كيف يمكنني ان أصيغها , "صبيانية "! لكن ما أعنيه أن المكتوب هنا لا يتماشي مع صورتك التي أتخيلها ! أنت و هذا الشئ  , هيه .....كيف بدا وجهك و أنت تكتبها ؟ رجاءً لا تقل أنك كتبتها بوجهك المتيبس ذاك"
لربما هو الوجه المتيبس الذي جعله يمسك بمعدته فجأة ثم أخذ يرتعش و الدموع ملئ مقلتيه .لقد قهقه بينما يزداد ارتعاشه حده كسرعة الطائرة قبل الأقلاع و من ثم

"هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها!"

انفجر  ضاحكاً , و هاهي الطائرة تُقلع .
و قد بدا الامر و كأنه سرمدي , متردداً في ارجاء النفق أخذ يتساقط نحوي وابل من الضحكات جعلتني اختبر شعور أن أصير محل سخرية جمع من الاخرين .
"...ااه توقف . أنا أموت ضحكاً هنا ! أن أموت من الضحك حقاً! لقد مر وقت طويل مُنذ أن ضحكت هكذا ....أظن أنني سأظل اضحك كلما تذكرت هذا مجدداً "و أكمل من بين ضحكات لا تنقطع "ااه...عليّ أن اعترف أن هذا التناقض قد فاجأني .و الان هذا شئ جديد , لم أعلم أنك شخص عابث نونوميا -كُن قد يكتب جواب رقيق كهذا سيجفل اكثر الفتيات طهارة .."
و مجدداً لم يقدر علي منعها و انفجر ضاحكاً .
العنوان الذي كان موجوداً علي الورقة التي أراني إياها قد كان ــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــ"وصفة الحب"

" وصفة الحب" كانت تحتوي علي كل ما قد تتخيله من جمل و أساليب للغزل تجعلك تحظي بقلب الفتيات , هو جواب في حلاوته كالفطائر الغارقة في العسل فلا تجد موضع قدم و لا أي مُنفذ إلا و قد صار محتلاً بحلوه.
هي اداة شريرة قد تصيب من يتذوق منها القضمة بالغثيان .
إن قمت بكتابة اداة مثلها بجل ما أتيتك قريحتك حينها لن تكون حياتك مضمونة بعد الأن , ففأي لحظة قد تصاب بحالة من الجنون لا منجي منها.
و الناج الوحيد سيقول أن الحياة ستصير جحيماً بعد دقائق من كتابتها .
و أخيراً و بعد أن توقف عن الضحك قال " اه ؟ إذاً اتريدني التنحي عن القضية بسبب هذه ؟"
" سيكون لك جزيل شكري ."
ثم امسك رأسي بيديه و أمال نحوي ليصير مجال رؤيتي المعتم أشد إعتاماً.
" من المستحيل لي التنحي بينما قبل أن تنضج الحلوي !"
" لكن هذا فقط" بدأت و نويت أن أُنهي الأمر " هي رؤياك كمحقق ؟"
"...ما قصدك ؟"
و هناك اخذت تطفو علامة الأستفهام فوق رأسه ,  و لهذا ابتسمت .
ابتسمت و أنا اجيبه .

" لنك الأن تبدو راضياً إلي أقصي حد."

فليقل ما شاء لكن عيناه قد خانتاه , كعيني طفل تشعان بريقاً حينما خطي في حديقة الألعاب . بالنسبة لي كونان هو مصدر ترفيهي.
" ألم تستمتع كفاية إلي الأن ؟"
ثم اخذ يتأمل في ما قلت و هو يداعب لحيته .
هو لم ينكر الامر حينما قلت أن دافعه ليس بحس للعدالة .
لكن ما بدا منه هو رغبته في الاستمتاع بالبشر و علاقاتهم .
و لهذا أخذت افكر في هدفه الحقيقي, و كان هذا ما توصلت له .

من اللحظة التي أدركت فيها أننا نشبه بعضنا البعض علمت أن مثل هذه النهاية لحتمية .

" ....أوه , حسناً لقد تمكنت مني ."
ثم اخذ يلف المسدس حول اصبعه ثم أعاده مجدداً في حامله المخفي في زيه .
" هزيمتي كانت في اللحظة التي ضحكت فيها . بعد ضحك كهذا لا أستطيع ان انكر أنني لم احظي بالمرح ."
حينما وقف أعطاني يده لأتلقاها و قد فعلت .

"حسناً! سأنسحب من القضية ."
و من ثم ساعدني علي الوقوف علي قدمي .
"...شكراً لك"
كلمات الأمتنان أفلتت من بين شفتي عنوة .
بإعتبار كوننا متشابهين فلم يكن من الصعب علي فهم أسبابه  و دوافعه , لكن محاولتي لرده عن القضية من متحدث فطن مثلي بائت بالفشل في بادئ الامر بعنفوانه الطاغي .
و بما أن الحظ لم يكن في صالحي اضطررت إلي إعداد "وصفة الحب"
السبب الرئيسيوراء كتابتها هو خلق مجال من العشوائية ...مجال من المقامرة.بمفاجئة كونان بشئ لم يكن ليظنني بكاتبه يوماً .و اخيراً  جاءته الرياح بما لا تشتهي السفن .
إن مقاومتي قد اتت بنتائجها أخيراً : فإن كان شيئاً نويت أن أفعله فه الحفاظ علي ورقتي الرابحة حتي و إن كنت في القبر .
ما قد اقوله علي ما حدث أنني كنت علي وشك الفضل إن لم أتلق هجومه .
"حسناً فقد حل وقتها بالفعل !" قالها كونان و أردف و هو يتخلص من الاتربة من علي سترته بيد واحدة " للكبار هذه القضية لا تعد شيئاً و للمنظمات ايضاً فهي مضيعة للوقت و الجهد و المال , فلا احد سيهتم بقضية لا يكترث لها الرأي العام ."
" ألا يبدو الامر كنوع من التجارة ؟"حذوت مثله و اخذت أزيل الاتربة من ثيابي.
" بالفعل , إن كان هذا هو المنظور الذي تري به الامور حينها أكون أنا شبيه بموظفي المكاتب ." و قد اومأ موافقاً " حسناً , حتي أنا لا يمكنني متابعة مثل هذه الأمور حتي و إن لم تقابلني الاعتراضات , فبعد كل شئ انا شخص فذ لذلك لا يمكنني أن أستمر في اللهو بالقضاي الصغيرة بينما يريدني الجميع للكبيرة !"
ثم قام بكرمشة وصفة الحب و وضعها في جيب سترته .
" مهلاً ! لن تاخذه !" ثم سارعت لإيقافه .
" ها؟ ماذا تقصد؟ إنه ملكي."
"مستحيل "
" لكن لا فائدة من امتلاكك له "
" لقد بات كنز يذكرني بك , فكلما قرأته سأتمكن من تذكر هذه الأيام السعيدة التي أمضيناها معاً."
" هذا كذب , بالتأكيد ستقوم بالسخرية مني ."
"أوه ! آكشفتني ؟"
لم يسعني غير التنهد بعدما رأيته لا مبالٍ كعادته.
" بالله عليك! أليست بصفقة رابحة ! فمن أجل وريقة صغيرة سأبتعد عن القضية !"
" هي ليست بالمشكلة الفيزيائية بل هي تميل إلي الجانب النفسي اكثر ."
" حسناً , يجب عليك ان تحتمل بعض الجراح كرجل."
ثم أشعل سيجارته و تلك الأبتسامة متعلقة علي شفتيه .
"...كما تعلم فمن حين إلي أخر تضايقني شخصيتي المزعجة و مهما أزعجتنا هذه الامور يكزن من الصعب تغير عاداتنا ."
و وجدت نفسي اؤيد الساخر الواقف أمامي .
" يقولون أنه من السهل أختيار طريقة حياتك , و لكنها محض كذبة عابثة , اليس أختيار أسلوب حياة اخر هو ببساطة التخلي عن كل ما قمت به في الماضي ؟ بالنسبة لي أنا مرتاح هكذا و لا اريد أن اغير من نفسي ."
و من ثم ابتسم الأبتسامة التي تليق به .
" شخص اعرفه قد اخبرني بما هو مماثل , ان العالم "مزري " و أنه يجب علينا أن نحيا تبعاً لقواعدنا ."
" أوهو , من الأكيد أننا سنتفق معاً ."
." بالفعل , أنا لا اعلم بشانها لكنك تعجب بها حقاً ."
" إذاً هي امرأة ؟"
" أجل!"
" هاهاها , عليك أن تعرفني بها في يوم من الايام !"
" إن توافرت الفرصة ."
" بالمناسبة ..."
"أجل؟"
" ـــــــــــــــــ ما هو حقاً ؟ الشئ الذي تخفيه ؟"
لم أتمكن من إجابته علي الفور .
لقد اكد لي كونان انه سيتخلي عن القضية و ما أثق به انه ليس بالشخص الذي قد يحنث بوعوده.
و مع ذلك لا يمكنني ان أجعل شخص يعلم عن وصفة القتل .
لكن فجأة داعب كونان خصلات شعري بأصابعه الرفيعة .
" معذرة , فقط انسي الامر . لقد كان سؤالاً " عفوياً" كما يمكنك أن تدعوه ."
و من ثم نفخ بعض الدخان تجاه الأسمنت .
و بدأت سكة الحديد بالاهتزاز و بالتالي تلاها النفق و انعدمت من حولنا كل الأصوات .
و خلال الوقت الذي منع حضور الأصوات أخذ كونان يتمتع بسيجارته بينما أتأمل أنا السماء الزرقاء البعيدة.
و اخيراً , مر القطار و تركنا و خلفه صوته المدوي.
" حظاً طيباً نونوميا -كُن , لقد كان وقتاً قصيراً لكنه رائع ."
و هو الشئ الأول الذي معته حينها .
" و أنا أيضاً ...اتمتعت بهذه الايام بعض الشئ ."
" بعض الشئ ؟..... هاه يا فتي ! " ثم أخذ يصير نحو المخرج و صوت حذاءه يتردد في النفق بينما يلوح بيده بطريقة مبالغة فيها .
" فقط دعني أوضح لك شيئاً " ثم توقف عند المدخل و التفت قائلاً " قال راضياً قال ! لعلمك أنني اردت العبث معك أنت و يوكو لبعض الوقت ."
لقد كان شبيهاً بالصبي الذي لم يكن يريد لأجازته الصيفيه ان تنتهي مما جعلني أضحك " هيه يا فتي !...."
" إلي اللقاء !"
" أجل !"
لم يكن وداعاً أبدياً, لكننا فقط لن نري بعضنا لفترة , لقد صدف فقط أن تتقاطع سبلنا المختلفة . فقط هذه هي العلاقة بيني و بين كونان , شخصين من أعمار و مراكز مختلفة .

" اجل , لقد كدت أن أنسي , ـــــــــــــ"
فجأة ألتفت و بمهارة أغمض إحدي عينيه و قال
" في الحقيقة , يعجبني الرجال كما النساء كلاهما سيان !"

"...........إيه ؟!"
ثم لوح بيده و كلمة " إلي اللقااااء " تتردد في الخلفية مختفياً في الافق , لقد تركني واقفاً هناك مجفلاً.
".....ما؟ لا تعبث معي !"
 لقد كنت متأكداً أنها مزحة سيئة آخري من مزحاته و أنه يعبث معي بطريقته الخاصة .
" يا لللغباء " ثم هززت رأسي .
لقد حاولت أن اقنع نفسي بأنها مزحة لكن القشعريرة لم تترك جسدي .
عجباً , إلي النهاية ظل كونان عديم النفع في كل شئ , و طوال حياتي لم أقابل مثله احداً .
لا يمكن لأشخاص مثله أن يتواجدوا في العالم , فلهذا كان كونان فريداً من نوعه .
و لهذا كان وداعاً حزيناً .
و بعدما رفعت يدي مرة توجهت نحو المخرج القابع في الناحية الأخري.
و حينما فارقت النفق , لم يكن عقل شاغراً إلا بها و لا أحد سواها .




نهاية الفصل العاشر ....ترقبوا الفصل الأخير.






السابق

المحتويات

التالي

هناك تعليق واحد: